فمفهوم الأول عدم وجوب الزكاة في معلوفة الغنم، ومفهوم الثاني عدم الوجوب في سائمة غيْر الغنم مِن الإبل والبقر.
قال ابن السبكي في "منع الموانع": (إنَّ هذا هو التحقيق، أما عدم وجوب الزكاة في الغنم المعلوفة بالنسبة للتركيب الثاني فمِن باب مفهوم اللقب، كما أن عدم وجوب الزكاة في الإبل والبقر بالنسبة إلى قولنا: "في الغنم السائمة الزكاة" مِن مفهوم اللقب أيضًا؛ لأن المقيد في هذا - وهو "الغنم" - لم يشمل غير الغنم، فلم يخرج بالصفة التي لو أُسقطت لم يَخْتَل الكلام. والمقيد في "سائمة الغنم" - وهو "السائمة" - لم يشمل المعلوفة حتَّى يخرج بقيد الإضافة للغنم التي لو أُسقطت لاختل الكلام؛ ولذلك لم يَقُل أَبو عُبَيد في "مَطْل الغَنِي ظُلم" إلَّا أن مفهومه أن مَطْل غير الغَنِي ليس بظلم، لا أن غير المَطْل ليس بظلم، ولا أن الغَنِي الذي ليس بمماطل ليس بظالم.
وقد عُلم بما تَقرر أن لكل من التركيبين منطوقًا ومفهوم صفة ومفهوم لقب، فمنطوقهما واحد، وهو وجوب الزكاة في السائمة مِن الغنم، ومفهوم الصفة فيهما مختلف، وكذا مفهوم اللقب أيضًا فيهما مختلف كما سبق تقريره) (¬١). انتهى ملخصًا.
قلتُ: قد تَقرر أنَّه ليس مرادهم بالصفة النعت الذي هو أحد التوابع في النحو، بل الأَعَم منه ومما يكون صفة في الأصل، فمعروض (¬٢) الصفة في "سائمة الغنم" هو لفظ "الغنم" وإنْ تقدمت صفته؛ لكونها أُضِيفت له.
ولذلك وقع الخلاف - في إضافة الصفة للموصوف - بين البصريين والكوفيين، فالكوفيون لَمَّا جَوَّزوه لم يحتاجوا إلى تأويل، والبصريون أَوَّلُوه، فلم يخرج - على الرأيين -
---------------
(¬١) منع الموانع (ص ٥١٤ - ٥١٧).
(¬٢) جاء في هامش (ص): معروض الصفة هو الموصوف، وهو الغنم.