بذلك عن كونه صفةً إلَّا صناعة فقط، فيتحد على هذا مفهوم التركيبين معًا كما أبداه ابن السبكي احتمالًا لأبيه وإنْ رَجَّح هو خِلافَهُ وزعم أنَّه التحقيق كما سبق.
فَعَلَى هذا: مفهوم"في سائمة الغنم الزكاة" أنْ لا زكاة في معلوفة الغنم - من مفهوم الصفة، لا اللقب؛ لأن "اللقب" - كما سيأتي - أنْ يُرتب فيه الحكم على محكوم عليه جامد، وهذا مشتق، ولكنه لَمَّا كان الوصف مضافًا، لُوحِظَت الإضافة فيه تتميمًا، فيخرج منه سائمة نحو البقر، لا بلفظ "الغنم"، بل بإضافة "السائمة"، فيُدَّعَى خروج الأمرين معشًا، وأنهما مِن مفهوم الصفة.
وقد تَعرَّض أَبو عُبيد في "مَطْل الغَني ظُلم" للثاني (لِخَفَائه) دُون الأول (لِوضُوحه)، فاعْلَمه.
وسيأتي في هذا التركيب مباحث أُخرى في التنبيهات الآتية.
وبالجملة ففي كون مفهوم الصفة حُجةً معمولًا بها مذاهب:
أحدها: نعم، وبه قال الشَّافعي ومالك وأحمد وأَبو عُبيدة معمر بن المثنى فيما حكاه القاضي في "التقريب" وإمام الحرمين وغيرهما، ونقله الآمدي وابن الحاجب وابن السمعاني عن أبي عُبيد والفقهاء والمتكلمين، ونقله ابن الحاجب عن إمام الحرمين، وحكاه سليم الرازي عن اختيار المزني والإصْطَخْري وأبي إسحاق المروزي وابن خيران وأبي ثور وداود الظاهري، ومنهم مَن يَنقل عنه أنَّه إنما يقول بمفهوم الموافقة، لا المخالفة، فالنقل عنه مضطرب، وهو منصوص الشَّافعي في كتاب "أحكام القرآن"، وبه أيضًا قال الصيرفي ونقله عن نَص الشَّافعي، إذْ قال: (ومعقول في لسان العرب أن الشيء إذا كان له وصفان فوُصف بأحدهما، أن ما لم يكن بتلك الصفة بخلافه). انتهى
وكذا حكاه ابن القطان عن نَصه في "كتاب الزكاة"، وحكاه القاضي عن نَص الأشعري في إثبات خبر الواحد، فقال: قال الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: