كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

٦] مفهوم ذلك يدل على أن غير الفاسق لا نَتبَيَّنه، وتَمسك أيضًا في إثبات الرؤية بقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥] فإنَّ مفهومه إثبات الرؤية لأهل الجنان.
وجرى على القول به أكثر أصحابه.
وفي "صحيح البخاري" في "كتاب الجنائز" و"مسلم" في "كتاب الإيمان" عن ابن مسعود قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مات يُشرك بالله شيئًا، دخل النار". وقلتُ: مَن مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنَّةَ) (¬١).
قيل: وهذا مصير منه إلى القول بالمفهوم؛ لأن الجملة حالية، ومفهوم الحال من باب الصفة كما سيأتي.
قلتُ: وقد سبق في "باب القياس" احتمال أنَّه من باب قياس العكس، فلا امتناع أنَّه يدل بالطريقين. وهو يُشْبه قول الشَّافعي في مفهوم الموافقة: إنه مِن باب القياس. لكن ذاك قياس مستوٍ، وهذا قياس عكس، وسبق أنَّه جاء مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يحتج لمفهوم ولا قياس.
المذهب الثاني: نَفْي حُجيته، وإليه ذهب أَبو حنيفة وأصحابه، ووافقهم من أصحابنا ابن سريج والقفال وأَبو بكر الفارسي وطوائف مِن المالكية، ونقله الإمام في "المعالم" عن مالك، لكن القاضي عبد الوهاب في "الملخص" نقل عن أصحاب مالك أنَّه حجة وأنه ظاهر قول مالك.
انتهى واختاره الغزالي والآمدي وصاحب"المحصول" على خِلاف ما اختاره في "المعالم".
الثالث قاله الماوردي: التفصيل بين أن يقع ذلك جرابًا لسؤال فلا يكون حجة، أو
---------------
(¬١) صحيح البخاري (١١٨١)، صحيح مسلم (٩٢).

الصفحة 1004