ابتداءً فيكون حُجة؛ لأنه لا بُدَّ لتخصيصه بالذكر من موجِب، فلَمَّا خرج عن الجواب، ثبت وروده للبيان. قال: (وهذا هو الظاهر مِن مذهب الشَّافعي وقول جمهور أصحابنا) (¬١).
قيل: وينبغي أن لا يُعد هذا مذهبًا ثالثًا؛ لأنَّ مِن شرط القول بالمفهوم في الأصل أن لا يظهر للتخصيص بالذِّكْر فائدة غَيْر نَفْي الحكم.
الرِّبَا: قول إمام الحرمين في "البرهان" (¬٢) بالتفصيل بين:
- أن يكون الوصف مناسبًا، فيكون حُجة، نحو: "في الغنم السائمة الزكاة"، فإنَّ خفة المؤونة مناسبة للمواساة بالزكاة.
- وبين ما لا مناسبة فيه، فلا، نحو: "الإنسان الأبيض ذو إرادة".
قال ابن السمعاني: (وهو خلاف مذهب الشَّافعي، فإن العِلة ليس مِن شرطها الانعكاس) (¬٣).
لكن الإمام قد أورد هذا على نفسه، وأجاب بأن قضية اللسان هي الدالة عند إحالة الوصف على ما عداه بخلافه. وقال: إن هذا وضع اللسان ومقتضاه، بخلاف العِلل المستنبطة.
الخامس: قول البصري، وهو أَبو عبد الله كما حكاه عنه صاحب "المعتمد" أنَّه حُجة في ثلاث صور:
إحداها: أن يكون الخطاب وَرَد للبيان، كالسائمة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في الغنم السائمة زكاة"، فإنه ورد بيانًا لآية الزكاة.
---------------
(¬١) الحاوي الكبير (١٦/ ٦٨).
(¬٢) البرهان في أصول الفقه (١/ ٣٠٩ - ٣١٠).
(¬٣) قواطع الأدلة في أصول الفقه (٢/ ١٦٣).