الثانية: أن يكون ورد للتعليم، أي: الابتداء بما لم يَسْبق حُكمه لا مُجْمَلًا ولا مُبَيَّنًا، كحديث: "إذا اختلف المتبايعان، تحالفا" (¬١)، فإنَّ في رواية: "إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة، تحالفا" (¬٢) مفهومه أن السلعة إذا لم تكن قائمة، لا تحالف، وهو من مفهوم الحال الآتي
---------------
(¬١) قال الحافظ ابن الملقن في (البدر المنير، ٦/ ٥٩٧ - ٦٠٥): (هَذِه رِوَايَة غَرِيبَة عَلَى هَذَا النمط لم أرها كَذَلِك فِي شَيْء من كُتب الحدِيث ... ، نعم "التراد" بِدُونِ التَّحْلِيف ورد فِي هَذَا الحدِيث من طُرق).
ثم ذكر هذه الطرق، وقال: (فَهَذَا مَا حَضَرنَا من طُرق هَذَا الحدِيث وَاخْتِلَاف أَلْفَاظه ... ، وَبِالجمْلَةِ وَكُل طرق هَذَا الحدِيث لَا تَخْلُو من عِلّة).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (التلخيص الحبير، ٣/ ١٣): (أَمَّا رِوَايَةُ التَّحَالُفِ فَاعْتَرَفَ الرَّافِعِيُّ فِي "التَّذْنِيبِ" أنَّهُ لَا ذِكْرَي فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الحْدِيثِ، وَإِنَّمَا تُوجَدُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ).
وقال الألباني في (إرواء الغليل: ١٣٢٢): (قد ذكر المؤلف رحمه الله في ألفاظ الحديث: "تحالفا" ولم أره فى شيء من هذه الطرق، والظاهر أنَّه مما لا أصل له).
قلتُ: في سنن الدَّارَقُطني (٣/ ١٨)، سنن البيهقي الكبرى (رقم: ١٠٥٩١) واللفظ للبيهقي: (إذَا اخْتَلَفَ الْمُتبَايِعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُما شَاهِد، اسْتُحْلِفَ الْبَائِعُ). وقال الإمام البيهقي: (هذا الحديث أيضًا مُرْسَل؛ أَبو عبيدة لَمْ يُدْرِك أباه).
(¬٢) المعجم الكبير للطبراني (رقم: ١٠٣٦٥) بلفظ: (إذا اخْتَلَفَ المتبايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بعينها فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أو يَتَرَادَّانِ). ونحوه في المعجم الأوسط (٤/ ١٠٥، رقم: ٣٧٢٠).
قال الحافظ ابن الملقن في (البدر المنير، ٦/ ٦٠٥): (كل طُرُق هذا الحديث لا تخلو من علة).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (التلخيص الحبير، ٣/ ٣٢) بعد أنْ ذكر رواية "المعجم الأوسط": (انْفَرَدَ بِهَذ الزِّيَادَةِ - وَهِيَ قَوْلُهُ: "وَالسِّلْعَةُ قَائِمَة" - ابْنُ أَبِي لَيْلَى. . وَهُوَ ضَعِيفٌ سيء الحفْظِ، وَأُمَّا قَوْلُهُ فِيهِ: "تحَالَفَا" فَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا عِنْدَهُمْ: "وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيعَ").
وقال الألباني في (إرواء الغليل: ١٣٢٢) بعد أن ذكر إسناد رواية "المعجم الكبير": (رجاله ثقات رجال الشيخين غير النرسى والعطار، فلم أعرفهما).