كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

تنبيهات
الأول: استُشْكل عموم "مَن" و"ما" في الاستفهام مثلًا بأنه لو قيل: مَن في الدار؟ حَسُنَ أن يجاب بالمفرد، فيقال: زيد. وكذا لو قيل: ما عندك؟ فتقول: درهم.
وأجاب القرافي بما معناه أن العموم من حيث شموله لكل ما يصلح دخوله فيه، وأما الجواب بالواحد فباعتبار الواقع، ولا تنافي بينهما.
واستُشكل أيضا بِقَول الفقهاء فيما لو قال: (مَن دخل داري فله درهم)، أو: (مَن خلت فهي طالق) أنَّ مَن دخل ثانيًا لا يستحق درهمًا آخَر، ولا مَن دخلت لا تُطلَّق طلقةً ثانيةً.
وجوابه: أن العموم في الأشخاص، لا في الأفعال، إلا أنْ تقتضي الصيغة التكرر، نحو: "كلما"، أو يحكم به قياسًا؛ لكون الشرط علة، نحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [الجاثية: ١٥]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧].
فإن قيل: لو قتل المُحرِم صيدًا بعد صيد، تكرر الجزاء مع أن الصيغة "مَن" في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] الآية.
قيل: لتعدد المحل كما أجاب به الماوردي والمحاملي والجرجاني في "المعاياة".
قالوا: بخلاف ما لو كان المحل واحدًا كالمثال السابق، حتى لو قال: (مَن دخل داري فله درهم) وله عدة دُور، فكلما دخل دارًا، استحق درهمًا؛ لاختلاف المحل.
ولهذا لو قال: (طَلق من نسائي مَن شئت)، لا يطلق إلا واحدة.
ولو قال: (مَن شاءت)، له أن يطلق عددًا يشاء؛ لتعدد المحل.
فإن قيل: لو قال: (مَن رد عبدي فله درهم) فرده جمع، استحقوا درهمًا، لا أن لكل

الصفحة 1317