تنبيهات
الأول: الخلاف في مدلول "مَنْ" و "ما"، لا في لفظهما.
فقد قال النحاة كما في "التسهيل" وغيره: إن "مَن" و"ما" في اللفظ مفردان مذكران، وإذا قصد بمعناهما غير ذلك فإنما يدل عليه مراعاة المعنى مِن عَوْد ضمير ونحوه (¬١).
ومرادهم بذلك أن معناهما في الأصل من حيث إطلاق لفظهما مفرد مذكر، ومخالفة ذلك إنما هي بحسب مراد المتكلم، فالكل باعتبار المدلول باعتبارين، وإلا فنفس اللفظ ليس الكلام فيه، فإن "لفظ سائر الكلمات" إذا أريد لفظه، يذكَّر باعتبار "لفظ"، ويؤنث باعتبار "كلمة".
فتقول: (زيد ثلاثي) و: (ثلاثية)، أي: كلمة ثلاثية.
الثاني: اختُلف في "مَنْ"، فالأرجح تناولها للعبيد، وقيل: تختص بالأحرار. وكأنَّ ذلك من حيث الشرع، فسيأتي أن العبيد هل تدخل في العمومات الشرعية؟ أو لا؟
وقولي: (وَكـ "مَتَى" في زَمَنٍ) أي إنَّ عموم "متى" إنما هو باعتبار الأزمنة، فنحو: (متى دخلت الدار، فأنت حر) يعتق بأيِّ وقت دخل.
نعم، قيده ابن الحاجب وغيره بالأزمان المبهمة، فلا يقال: (متى طلعت الشمس)، بل يقال: (إذا طلعت). وهذا مراد مَن أطلق العبارة كما أطلقتُ ذلك في النَّظم؛ لظهوره.
ولا فرق في "متى" أن يتصل بها "ما" (كَـ) "متى ما") أوْ لا.
وقولي: (وَ"حَيْثُمَا" وَ"أينَ" في الْمَكَانِ) معناه أن عمومهما في الأمكنة، كقوله: حيثما
---------------
(¬١) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد لابن مالك (ص ٣٦).