وبذلك صرح الأستاذ أبو منصور، فقال: ("أَيّ " أَعَم المبهمات).
وزعم أصحاب الرأي أنه على الواحد غالبًا.
وكذلك قال أبو حنيفة في "أي عبيدي ضربت فهو حر": يحمل على الواحد، و"أي عبيدي ضربك ": على الجميع؛ لأنه أضاف الفعل الذي علق به الحرية إلى الجماعة.
قال الأستاذ: (ونحن نقول بعموم اللفظ في الموضعين). انتهى
ووجَّه ابن يعيش وغيره هاتين المسألتين -وهُما معروفتان لمحمد بن الحسن- بأن الفعل في المسألة الأولى خاص؛ لإسناده لضمير المخاطب، وفي الثانية عام؛ لإسناده لضمير هو عام. وقرروا أن الفعل يعم بعموم فاعله، لا بعموم مفعوله؛ لأن الفاعل كالجزء من الفعل، لا يُستغنى عنه، والمفعول يستغني عنه الفعلُ.
وبذلك أيضا وجَّه القاضي حسين الفرق.
وقد اعترض ابن عمرون النحوي على ذلك بأن ضمير الفاعل والمفعول فيهما على حدٍّ سواء، كقول العباس بن مرداس:
وما كنتُ دُون امرئ منهما ... ومَن تخفض اليوم لا يُرفع
فإن "مَن" الشرطية عامة باتفاق، مع أن التقدير: "ومَن تخفضه اليوم"، و"الهاء" عائدة على "مَن" وهو الاسم العام.
وأما ضمير الفاعل فخاص، وهو ضمير النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأطال في ذلك وفي الاستشهاد عليه.
واعلم أن الحنفية عدوا الحكم إلى "أي عبيدي ضُرب" مبنيًّا للمفعول. قاله ابن جني؛ لأن الفاعل وإنْ لم يُذكر ففي حُكم المذكور.