كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

ويَرُده: "أيما إهاب دُفي فقد طهر" (¬١)، وهُم ممن قال فيه بالعموم حتى أدرجوا فيه جِلد الكلب.
تنبيه:
إذا اتصلت "أي " بِـ "ما"، كانت "ما" تأكيدًا لها، خلافًا لقول إمام الحرمين في "البرهان ": إن "ما" للعموم في "أيما امرأة نكحت نفسها" الحديث.
لاعتقاده أن "ما" فيها هي الشرطية.
وقريب من ذلك قول الغزالي: إنَّ "ما" مؤكدة للعموم.
لكن الصواب أن يُقال: إنها مؤكدة لأداة الشرط، وهو عند النحويين من التأكيد اللفظي بمنزلة تكرير اللفظ، فإنْ أراد الغزالي ذلك فواضح.

تنبيه آخر:
استُشكِل جَعْل الموصولات من صيغ العموم مع اشتراطهم في الصلة أن تكون معهودة معلومة للمخاطب إلا إذا قُصد الإبهام تهويلًا؛ لتذهب نفس السامع كل مذهب، كقوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨]؛ ولهذا كانت الصلة هي المعرِّفة للموصول، خلافًا لمن قال: إنَّ المعرِّف له هو "أل" ظاهرة أو مقدرة فيما ليست فيه كَـ "من" و"ما"، والعهد ينافي العموم (كما سيأتي)، وصرح به ابن الحاجب وغيره.
قلت: قد يجاب بأن العهد ليس في نفس الموصول المدَّعَى عمومه، بل في قيده، وقيد العام إنما يخصص محل عمومه ولا يسقط عمومه، كَـ: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين
---------------
(¬١) سبق تخريجه.

الصفحة 1324