رأت" (¬١) الحديث، فوصْفهم بالصلاح لم يخرج "عبادي" عن العموم بالكلية.
فإن قلتَ: العهد يجعل المدلول معيَّنًا، والعموم استغراق بلا حصر، بخلاف ما ذكرت من قيد الوصفية ونحوها.
قلتُ: لم يجعله إلا معيَّنًا في الذهن، لا في الخارج. فإذا أريد تعيُّنه في الخارج فذاك بحسب الواقع؛ ولهذا قال البيانيون في التعريف بالموصولية: إنه قد يكون لينبه المخاطب على [خطئه] (¬٢)، نحو:
إن الذين تَرونهم إخوانكم ... يشفي غليلَ صدورهم أن تُصْرَعُوا
فإنه ليس المقصود معيَّنًا في الخارج، بل كل مَن ظُن بهذه الصفة.
وقد يكون بالإيماء إلى وجه بناء [الخبر] (¬٣)، نحو: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠] الآية، ليس المراد قومًا بأعيانهم.
وبهذا التقدير يُعلم أن نحو: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} لم يخرج عن العهد؛ لأن كل ما يتخيله المخاطب في ذهنه يصير به عهدًا، بخلاف ما لم يُعْهَد فيه الصلة لا عهذا خارجيًا ولا ذهنيًا، فإنه مخصوص حقيقةً أو تقديرًا. فَتَأَمَّلْه.
فإن قيل: المحكوم بأنه معهود في المحلَّى "بأل" إنما هو الاسم الداخل عليه "أل"، وهو الذي يُقضَى بعمومه حيث لا عهد، فلِمَ لا قيل بعمومه ولو كان فيه عهد كما قلتَ به في الموصول؟ قلتُ: المعهود هو الاسم، و"أل" قرينة العهد.
---------------
(¬١) صحيح البخاري (رقم: ٣٠٧٢)، صحيح مسلم (رقم: ٢٨٢٤).
(¬٢) كذا في (ص)، لكن سائر النسخ في بعضها: (خطابه)، وفي البعض الآخر: (خطايه).
(¬٣) في (ق): الخير.