كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

و"الإضافة" الآتي ذِكرها وفي النفي ونحوه مما سيأتي، هل تسلب دلالته على الجمعية وتصير أفراده وحدانًا كأفراد المفرد في ذلك؟ أو تبقى آحاده جموعًا أو مثنيات؟
فيه خلاف يظهر أثره في الاستدلال بذلك على حكم الواحد وفي أن العموم إذا خُص وكان جمعًا هل يجوز إلى أن يبقى واحدٌ؟ أو لا بُدَّ من عدد يَصْدُق عليه ذلك اللفظ؟ وستأتي هذه المسألة وما فيها في محلها من التخصيص، وفي غير ذلك أيضًا كما سبق في التفرقة بين جمعَي القِلة والكثرة، فيلحظ معنى ذلك في كل فرد من أفراد ذلك العام.
ذهب كثيرٌ إلى الثاني.
ورجح القرافي الأول، وقال: (يتعين اعتقاد زوال الجمعية ويصير كالمفرد، ويكون الحكم لكل فرد فرد، سواء كانت الصيغة جمعًا أو ما في معناه) (¬١).
وربما نقل عن الحنفية الأول.
وعن الشافعية الثاني؛ ولهذا شرطوا في كل صنف من مستحقي الزكاة ثلاثة إلا العاملين، وقالوا فيمن حلف لا يتزوج النساء أو لا يشتري العبيد: لا يحنث إلا بثلاثة.
وعند الحنفية يحنث بواحد. قاله الرافعي في "كتاب الطلاق" محافظةً على الجمع، ولم ينظروا لكونه جمع كثرة حتى لا يحنث إلا بأحد عشر.
نعم، في "الحاوي" للماوردي: حلف "لا يتصدق على المساكين"، يحنث بواحد. أو "ليتصدقن على المساكين"، لا يبر إلا بثلاثة؛ لأنَّ نفي الجمع ممكن، بخلاف إثبات الجمع، أي: مع عمومه.
قلتُ: وبهذا نستفيد أنهم إنما قالوا في أصناف الزكاة بالجمع؛ لتعذر تعميمهم، فاقتصر
---------------
(¬١) شرح تنقيح الفصول (ص ١٨٠).

الصفحة 1335