فمقتضى الاستغراق عَيَّن أحد الاحتمالين ونَفَي الأخر؛ فلم يجتمعَا.
وأيضا: فلأنه بمعنى كل فرد، لا مجموع الأفراد، وإذا كان كذلك جاء مثلُه في الجمع، فيصير اللفظ بقرينة العموم المراد به الحقيقة من غير وحدة ولا كثرة، على أن في العموم مع الحقيقة إشكالاً سنذكره والجواب عنه.
الثالث:
التحقيق فيما يدخل عليه "أل" المعرِّفة وفي حكمها الموصولة كما سبق أنه:
إما أن يكون المراد معها نفس الحقيقة، لا ما يصدق عليه من الأفراد وهو تعريف الجنس والحقيقة ونحو ذلك. ويساوي ذلك دلالة عَلَم الجنس كما سبق تقريره في موضعه كَـ "أسامة".
وإما أن يكون المراد فردًا معينًا في الخارج (وهو العهد الخارجي)، ونحوه العَلَم الشخصي كَـ"زيد".
وإما فرد غير معيَّن (وهو العهد الذهني) كَـ "أدخل السوق" لمن ليس بينك وبينه عهد بِسُوق معيَّن، ونحوه النكرة كَـ"رجل".
وإما كل الأفراد (وهو الاستغراق)، ونحوه لفظ: "كل" ونحوها من صيغ العموم؛ فلذلك جعلوا ضابطها أن يحل "كل" محلها حقيقةً إذا أريد استغراق الأفراد.
فإن كان مجازًا فهو لاستغراق الخصوصيات، نحو "أنت الرجُل علمًا".
وقد شكك السكاكي في استفادة الاستغراق من اللام، فقال: (إن الحقيقة من حيث هي هي لا واحدة ولا كثيرة؛ لتحققها مع الوحدة تارة ومع الكثرة أخرى، وإنْ كانت لا تنفك في الوجود عن أحدهما، فهي صالحة للتوحد والتكثر بكون الحكم استغراقًا أو غير استغراق، على مقتضَى المقام. فإذا كان خطابيًّا مثل: "المؤمن غِير كريم، والفاجر خِب لئيم"،