كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الأبيات منه أربع مسائل، وخامسة من غيره ذكرتها استطرادًا.
الأولى:
النكرة في سياق النفي، سواء باشرها النافي وهو "ما" و"لا" و"لاتَ" و"ليس" و"لَمْ" و"إنْ" والفعل المستعمل فيه نحو "قَلَّما رجل يفعل كذا إلا بكذا" أو لم تباشره أداة النفي، خلافًا للآمدي في قوله في "الأبكار": إن ما لم تباشره لا يعم.
حتى زعم بعضهم أن التعبير بكون "النكرة في النفي "أحسن؛ لأنه أعم، بخلاف السياق، فإنه قاصر على محل خلافية الآمدي، لكن الظاهر أن السياق يدخل فيه ما باشر النافي وما لم يباشر.
وبالجملة فيُرد على الآمدي بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: ٩١] ردًّا على مَن قال: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١]، فلو لم يكن عامًّا لَمَا حصل به الرد.
ومما استُدل به على أن النكرة في النفي عامة أنه لو لم يكن كذلك لَمَا كان قولنا: "لا إله إلا الله" نفيًا لدعوى مَن ادَّعى إلهًا سوى الله. ذكره الإمام الرازي.
نعم، من النكرة في النفي ما هو نَص، ومنها ما هو ظاهر في العموم.
فالأول:
إما لكون النكرة لا تقع إلا في نفي وشبهه، نحو: "ما فيها ديار" أو "داعٍ" أو "غريب" أو "أحد" إذا لم تُقَدر همزته بدلًا من واو "واحد" فإن ذلك يكون في الإثبات نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١]
وإما لكونها مما يصدق على القليل والكثير، نحو: "ما فيها شيء".
وإما أن يكون اسمًا لـ "لا" العاملة عمل "إنَّ"، نحو: "لا حول ولا قوة إلا بالله" سواء

الصفحة 1356