رجل": إنَّ "مِن" أُدْخِلت؛ لأن هذا موضع تبعيض) (¬١). هذا نصُّه.
وقد استشكل أبو حيان مجامَعة التبعيض للعموم؛ إذ يصلح موضعها "بعض"، وهو ينافي العموم.
قيل: والحامل له على ذلك اعتقاده أنَّ "مِن" هي المفيدة للعموم. ولكن سبق أن الراجح خلافه.
فعَلَى الراجح -وهو أن المفيد له النفي- لا ينافيه؛ لأن النفي كأنه منصب على كل بعض بعض إشعارًا بشمول كل بعض، وهو حقيقة العموم.
الثانى: وهو ما ليس نصًّا:
وهو النكرة في النفي في غير الصُّوَر المذكورة في القسم الأول، نحو: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: ٤٧]، و"ما مررت برجل"، و"ليس في الدار رجل"، ونحو ذلك.
وقد اختُلف في عموم النكرة فيه على قولين:
أحدهما: لا، وهو قول المبرد كما حكاه أبو حيان في "الارتشاف" في "باب حروف الجر"، واختاره القرافي وحكاه عن سيبويه وعن الجرجاني والزمخشري إذ قال في قوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩]: إنَّ العموم استُفيد من لفظة "مِن"، وكذا {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ} [الأنبياء: ٢] الآية، وإنَّ "مِن" تارة تكون لإفادة العموم نحو ما تقدم، وتارة لتوكيد العموم نحو: "ما جاء في من أحد".
ولكن يحتمل أن مراد الزمخشري: لا تفيده نصًّا، بل ظهورًا؛ بدليل مقابلته بتوكيده، فيكون جاريًا على ما قررناه، ولأن قوله: (إنَّ "مِن" هي المفيدة للعموم) لو حمل على إفادة
---------------
(¬١) شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٣٥)، الكتاب لسيبويه (٤/ ٢٢٥).