بالكتاب، فقال: لا أعرفه.
ورُد ذلك بأن مَن حفظ حُجةٌ على مَن لم يحفظ.
وقد صنف ابن خروف في ما نقله إمام الحرمين عن سيبويه ولم يجده في كتابه، ولم يذكر هذا الموضع منه.
وما نقله القرافي عن سيبويه إنْ ثبت فيُحمل على إرادة نفيه للعموم نصًّا، لا ظهورًا؛ جمعًا بينه وبين هذا النص، وكذا غيره كما سبق.
وأما قول "جمع الجوامع": (نصًّا إنْ بُنيت على الفتح، وظاهرًا إنْ لم تُبن) (¬١) فحسن من حيث إنه جمع بين القولين مِن غير أن لا يبقى في المسألة خلاف، إلا أنه قاصر من حيث إن النصية تكون في مواضع أخرى وإن لم تُبْن كما قررناه.
تنبيهات
الأول: إذا قلنا بأن النكرة في النفي للعموم فظاهر كلام الحنفية -واختاره السبكي- أن ذلك من حيث إن النفي إذا ورد على الماهية، لزم منه انتفاء الأفراد المتضمنة لها، فالعموم فيه لزوم، لا بالذات.
وظاهر قول غيره من الشافعية -واختاره القرافي- أن ذلك بالذات، وأن النفي إنما هو للأفراد؛ بدليل جواز الاستثناء، والماهية لا يستثنى منها، بل من الأفراد.
لكن فيه نظر؛ لأنَّ الأفراد مُراد نفيها قطعًا سواء بالمطابقة أو اللزوم، فالاستثناء سائغ على كل حال.
---------------
(¬١) جمع الجوامع (٢/ ١٠) مع شرح المحلي وحاشية العطار.