كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الْأَشْرَارِ} [ص: ٦٢].
وصححه إلْكِيَا، قال: (لأن الإبهام في النكرة اقتضى الاستغراق، فإذا ثُني أو جُمع، زال الإبهام، ويَحسُن أنْ يقال حينئذٍ: "ما رأيت رجالا، بل رجلين").
وظاهر كلام الغزالي ترجيحه أيضًا، وقال القاضي: هو كالنفي للواحد في الاستغراق.
وقد سبق في مسألة أن "عموم الجمع هل أفراده جموع؟ أو وحدان؟ " كلام صاحب "التلخيص" في البيان وإيضاحه ما يوضح هذا البحث، فراجعه.
قولي: (وَمنْهُ: "لَا يَسْتَوِيَانِ"، وَاذْكُرَهْ في نَحْوِ: "لَا أَكَلْتُ") إشارة إلى مسألتين مفرعتين على أن "النكرة في النفي للعموم"، ولكن فيهما خلاف من وجه آخر:
الأُولى:
نفي الاستواء وما في معناه من التساوي والمساواة والتماثل والمماثلة ونحو ذلك سواء فيه نفيه في فعل مثل: "لا يستوي كذا وكذا" أو في اسم مثل: "لا مساواة بين كذا وكذا" هل يعم كل استواء؟ أو لا؟
قولان:
بأولهما قال جمهور أصحابنا، وعليه جرى الآمدي وابن الحاجب وغيرهما.
وبالثاني قال أبو حنيفة وأصحابه والمعتزلة والغزالي والإمام الرازي وأتباعه كالبيضاوي.
وأثر الخلاف في:
الاستدلال على أن المسلم لا يقتل بالذمي بقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} الحشر: ٢٠] فلو قيل به، لثبت استواؤهما.
والاستدلال على أن الفاسق لا يلي عقد النكاح بقوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ

الصفحة 1362