كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: ١٨]؛ إذ لو قلنا: يَلِي، لاستوى مع المؤمن الكامل وهو العدل. فإنِ ادُّعِي أن الفاسق في الآية إنما أريد به الكافر بدليل مقابلته بالمؤمن، قلنا: ففيه دلالة على أن الكافر لا يكون وليًّا على المؤمنة.
ومَن نفى العموم في الآيتين، لا يمنع قصاص المؤمن بالذمي ولا ولاية الفاسق.
فإن قلتَ: قوله تعالى: {هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: ٢٠] قرينة على أن المراد نفي الاستواء في الآية بالفوز، لا مطلقًا، وكذا قوله عقب الآية الأخرى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: ٢٦] إلى آخره -قرينة أن المراد نفي الاستواء في دخول الجنة.
قلتُ: لا قرينة في ذلك، غايته أنه ذكر بعض أفراد العموم، ولا يخصِّص على الصحيح.
ومن أمثلة المسألة أيضًا: قوله تعالى في سورة آل عمران: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: ١١٣] , وفي الجاثية {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: ٢١] الآية -على قراءة {سَوَاءً} بالنصب، وفي الحديد: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد: ١٠] وفي الزمر: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} [الزمر: ٢٩] , ونحو ذلك.
إذ لا فرق -كما سبق- في نفي النكرة الدالة على الاستواء بين أن يكون فعلًا أو اسمًا.
واعلم أن مأخذ القولين في المسألة أن "الاستواء في الإثبات" هل هو من كل وجه في اللغة؟ أو مدلوله لغةً الاستواء من وجه ما؟
فإن قلنا: من كل وجه، فنفيه مِن سلب العموم، فلا يكون عامًّا.
وإن قلنا: من بعض الوجوه، فهو من عموم السلب في الحكم؛ لأن نقيض الإيجابِ الكُلي سَلْبٌ جُزئي، ونقيض الإيجابِ الجزئي سَلْبٌ كُلي.
ولكن كون الاستواء في الإثبات عامًّا من غير صيغة عموم -ممنوع، غايته أن حقيقة