وقد سبق أن ذلك مِن ذِكر بعض أفراد العام، ولا يلزم منه أن يبقى مجملًا.
ونظير هذا الخلافِ الخلافُ في قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦] هل هو عام حتى إذا خرج منه شيء يكون تخصيصًا بدليل؟ أو مجمل؛ لأنا نعلم بالضرورة تساويهما في الإنسانية وغيرها؟
والأرجح الأول؛ لعموم نفي المشابهة؛ فلذلك يحتج به على أن المرأة لا تكون إمامًا ولا قاضيًا ولا إمامة في اقتداء المذكور بها وغير ذلك؛ عملًا بالعموم.
وأما كون تساويهما في الإنسانية فذاك خارج من المراد كما سبق، ومن ثَم امتنع اجتماع المثلين.
قال ابن دقيق العيد: (لفظ "المثل" قال على المساواة بين الشيئين إلا فيما لا يقع التعدد إلا به).
وفي شرح "جمع الجوامع" لشيخنا بدر الدين الزركشي أن المصنف (يعني تاج الدين السبكي) قد اختار أمرًا آخر غير ما سبق، وهو أنَّ لفظ "المساواة" المراد به المعادلة، والسواء: العدل، و"فلان لا يساويه" أي: لا يعادله ولا يكون وزانه، ومنه قوله: وليس سواء عالم وجهول. وقوله:
وأَعْلَمُ إنَّ تسليمًا وتركًا ... لَلَا متشابهان ولَا سَوَاء
أي: لا يتعادلان ولا قريبًا من المعادلة، وإذا كان معناه المعادلة والمكافأة، كان هذا معناه نفيًا وإثباتًا. وحينئذٍ فيتوقف الاستدلال بالآية على عدم القصاص في الكافر وعدم ولاية الفاسق بالآية الأخرى على أنه ليس بكفء وأن الكفاءة معتبرة (¬١). انتهى ملخصًا.
---------------
(¬١) تشنيف المسامع (٢/ ٦٨٧).