كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

ولا يخلو من نظر لمن تأمله.

المسألة الثانية:
الفعل المنفي هل يعم حتى إذا وقع في يمين نحو: "والله لا آكل" أو "لا أضرب" أو "لا أقوم" أو "ما أكلت" أو "ما قعدت" ونحو ذلك ونوى تخصيصه بشيء، يُقبل؟ أو لا يعم فلا يقبل؟
يُنظر: إما أن يكون الفعل متعديًا أو لازمًا، فالأول هو الذي يُنصب فيه الخلاف عند أكثر الأصوليين كما سنذكره.
فإذا نُفي ولم يُذكر له مفعول به، ففيه مذهبان:
أحدهما قول الشافعية والمالكية وأبي يوسف من الحنفية: إنه عام.
وثانيهما وبه قال أبو حنيفة: لا يعم. واختاره القرطبي من المالكية والإمام الرازي من الشافعية.
ومنشأ الخلاف أنَّ المنفي الأفراد، فيقبل إرادة التخصيص ببعض المفاعيل به؛ لعمومه؟ أو المنفي الماهية ولا تَعدد فيها؛ فلا عموم؟
وقد سبق أن الأصح هو الأول، وبنوا عليه أن الحالف إذا قال: "إن تزوجت أو أكلت أو شربت أو سكنت أو لبست" ونوى شيئًا دون شيء، لا يُقبل.
فإنْ ذَكر المفعول به كـ "لا آكل تمرًا" أو "لا أضرب زيدًا" فلا خلاف بين الفريقين في عمومه وقبوله التخصيص.
لكن فرق الحنفية بأن المفعول به إذا لم يذكر، يكون النفي منصبًّا على حقيقة الأكل وماهيته، وإذا ذكر المفعول به، توجَّه النفي إليه، فكان الفعل المتعلق به عامًّا يقبل التخصيص.

الصفحة 1366