فممنوعان.
أما الأول: فالشافعية لا فرق عندهم في صحة إرادة التخصيص بين المفعول به وبين الزمان والمكان ونحوهما، وقد نص الشافعي على أنه إذا قال: "إن كلمت زيدًا فأنت طالق" ثم قال: "أردت شهرًا" أنه يصح ويُقبل منه.
وأما الثاني -وهو القياس عليه- فلو سلم، أمكن الفرق بأن المفعول به من مقومات الفعل المتعدي وجودًا وذهنًا، إذ لا يوجد ولا يُعقل إلا به. وأما الزمان والمكان فمتعلِّقان بالفاعل حيث افتقر، وإلا فأفعال الله تعالى لا تفتقر لزمان ولا مكان.
ومما ضعِّف به قول الحنفية أنهم وافقوا في الفعل المذكور على جواز تخصيصه باللفظ بخلاف النية، وعللوه بأن النية ضعيفة، فلا تقوى على تخصيص المقدَّر. فناقضوا في جعله عامًّا لقبول التخصيص باللفظ، غير عام لعدم قبوله التخصيص بالنية.
ثم هو على العكس مما ذكروه؛ فإن الضعيف يقوى على تخصيص الضعيف ما لا يقوى على القوي، فإذا كان يَقْوَى على تخصيص القوي وهو المفعول إذا ذُكر، فأَولى أن يقوى على تخصيصه إذا لم يُذكر وكان مُقدرًا.
ومن هنا يُعلم ضعف رد القرافي عليهم بمثل قوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: ٦٦]؛ لأنه ليس محل النزاع، إنما محله التخصيص بالنية.
تنبيهات
الأول: ظاهر كلام إمام الحرمين والغزالي والآمدي والهندي أن الخلاف لا يجري في الفعل القاصر حتى يجوز التخصيص باعتبار المصدر المضمن له بالنية قطعًا.
لكن القاضي عبد الوهاب في "الإفادة" أطلق الفعل، فاقتضى أنْ لا فرق، فقال: الفعل