كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

ورَدَّه بالفرق بينهما من جهة أن المقدَّر في المقتضى إنما هو لِيَتم الكلام به، وأما المفعول فإن الفعل يدل عليه بصيغته ووضعه، فَـ "الأكل" يدل على "مأكول" لا من جهة الاقتضاء، بل من نفس اللفظ.
قيل: وفيما قاله نظر؛ فإن الذي هو من دلالة اللفظ بوضع الفعل إنما هو المصدر؛ لدلالة الفعل عليه مع الزمان المحصل، أما بقية المفاعيل -وكذا الفاعل- إنما دلالته عليه باللزوم، لا بالصيغة والوضع.

المسألة الثانية من مسائل الأصل:
" النكرة في سياق النهي" للعموم؛ لأنه في معنى النفي كما صرح به أهل العربية، نحو: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣، ٢٤].
ويجري فيه ما سبق فيما يختص بالنفي، نحو: "لا تضرب من أحد"، أو لا يختص، نحو: "لا تضرب من رجل"، ويدخل أيضًا الفعل المنهي عنه، نحو: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ} [طه: ٨١] , {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢] , {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: ٣٣] {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨].

الثالثة:
" النكرة في سياق الشرط" للعموم أيضًا، نحو: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: ٤٦] , {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: ٦] ونحو ذلك؛ لأنه في معنى النفي؛ لكونه تعليق أمر لم يوجد على أمر لم يوجد.
وقد صرح إمام الحرمين في "البرهان" بإفادته العموم، ووافقه الأبياري في شرحه، وهو

الصفحة 1371