ومنها: "النكرة في سياق الطلب"، نحو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: ٢٠١]. وقد يقال: إن كان ذلك لاقتضاء المقام التكثير، فهو مما سبق تقريره في الامتنان، وإن كان التنكير فيه للتعظيم، فلا يلزم منه العموم؛ لأن العظمة باعتبار الشيء في نفسه، والتكثير باعتبار الكمية. وذِكر هذا الدعاء من جوامع الأدعية يحتمل أن يكون لإرادة التكثير أو التعظيم، لا لاقتضاء العموم بذاته.
ومنها: "النكرة في سياق الأمر" على خصوصه وإن دخل تحت الذي سبق من الطلب. قاله في "المحصول" ونقله عن الأكثرين، واستدل عليه بأن نحو: "أعتق رقبة" لولا أنه للعموم لَمَا خرج عن العهدة بأي إعتاق أعتقه، بل يعتق جميع ما يَقدر عليه من رقاب الدنيا.
وهو عجيب؛ فإنه مطلق يكتفَى فيه بواحد؛ فإن عمومَه عمومُ بَدَل.
قال أبو الحسين بن القطان: (إذا قال: "اقتل مشركا"، لا يلزم منه قتْل كل مشرك، بل يقتل مشركًا ما).
قال: (ويحتمل أن يريد معيَّنًا، فيجب التوقف إلى البيان. وقيل: إذا حمل على الجنس، خُص ووقف فيه. وهو قول أهل العراق). انتهى
ومنها: قول الحنفية: إن النكرة إذا وُصفت بصفة عامة، كانت معرفة بذلك، كالمعرف بـ "لام الجنس".
قالوا: مثل: "لا تكلم إلا رجلًا كوفيًّا"، فله أن يكلم جميع الكوفيين، بخلاف ما لو قال: "إلا رجلًا" فكلَّم رجلين؛ فإنه يحنث.
ومنه قوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١]؛ لأنه في معرض التعليل، فلولا أنه عام لَمَا صح التعليل.
ومنه أيضًا: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢] , فهو عندهم عام؛ لأجل وصفه