وقد سبق بيان القسمين في مفهوم الموافقة وحكاية الخلاف في "الفحوى" أنه دَلَّ على المسكوت قياسًا؟ أو نقل عُرفًا؟ أو مجازًا بالقرينة؟ أو دَلَّ من حيث المفهوم؟
فلذلك قلت: (في رَأْيٍ)؛ لأن الراجح ما نص عليه الشافعي أنه بالقياس.
والثالث: ما نُسب الحكم فيه لذات، وإنما تعلق في المعنى بفعل اقتضاه الكلام، نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣].
فإنَّ العُرف في الأُولى نقله إلى تحريم الأكل على العموم، وفي الثانية إلى جميع الاستمتاعات المقصودة من النساء، فيشمل الوطء ومقدماته، ومنهم مَن يُقَدر الوطء فقط.
وسيأتي بيان ذلك مبسوطًا في "مسألة عموم المقتضَى".
ومنهم مَن زعم أنه من قبيل المجمل، وسيأتي بيانه أيضًا هناك وفي باب "المُجْمَل".
وقولي: (وَ"حُرِّمَ" اتْمِمَا) أي: أتمم المذكور في الآية، إما الآية الأولى أو الثانية. والله أعلم.
ص:
٥٩١ - وَعَقْلًا ايْضًا مِثْلُ تَرْتِيبٍ عَلَى ... وَصْفٍ، فَذَا بِلَفْظِهِ لَنْ يَشْمَلَا
٥٩٢ - وَمثْلُهُ الْمَفْهُومُ في الْمُخَالَفَهْ ... وَللْعُمُومِ ضَابِط مَا خَالَفَهْ
الشرح:
هذا الثاني من المقابل للعام لغةً، وهو العام بالعقل، وذلك ثلاثة أمور:
أحدها: ترتيب الحكم على الوصف، نحو: "حرمت الخمر؛ للإسكار"، فإن ذلك يقتضي أن يكون عِلَّة له، والعقل يحكم بأنه كما وُجدت العلة يوجد المعلول، وكلما انتفت ينتفي.
فهذا القسم لم يدل بِلُغة؛ لأنه لا منطوق فيه بصيغة عموم، ولا بالمفهوم، وذلك ظاهر،