الثاني: مفهوم المخالفة عند القائل به، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم" (¬١)، فإنه بمفهومه يدل على أن مطل غير الغني عموماً لا يكون ظلمًا.
والثالث: إذا وقع جوابًا لسؤال، كما لو سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مَن أفطر، فقال: "عليه الكفارة"؛ فيُعلم أنه يَعُم كل مفطر.
وإنما لم أذكر هذا في النَّظم لأنه يمكن دخوله تحت الذي قبله، فإنه ينحل إلى أن الحكم بالكفارة لأجل الإفطار، فهو تعميم بالعلة، والله أعلم.
وقولي: (وَللْعُمُومِ ضَابِطٌ مَا خَالَفَهْ) تمامه قولي بعده:
ص:
٥٩٣ - مِعْيَار صِحَّةُ الِاسْتثنَاءِ ... مِنَ الَّذِي فِيهِ احْتِمَالٌ جَائِي
٥٩٤ - لِأنَّهُ إخْرَاجُ مَا قَدْ وَجَبَا ... دُخُولُهُ، فَلَا عُمُومَ نُصِبَا
٥٩٥ - في عَدَدٍ؛ إذْ هُوَ غَيْرُ مُحْتَمِلْ ... وَلَا مُنكَّرٍ سِوَى مَا قَدْ قُبِلْ
٥٩٦ - وَلَوْ يَكُونُ في جُمُوعٍ رَاسِبًا (¬٢) ... إذِ الدّخُولُ لَيْسَ فِيهِ وَاجِبَا
الشرح:
لما انتهى الكلام في صيغ العموم لغة وعرفًا وعقلاً، ذكرتُ ضابط العام الذي به يعرف عمومه، حتى لو ادُّعي في شيء عموم، عُرض على الضابط، فإن قَبِله، عرفنا عمومه.
وهو أنَّ: ضابط العموم ومعياره صحة الاستثناء منه، نحو: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) جاء في "لسان العرب, ١/ ٤١٨ ": (جَبَل راسبٌ: ثابتٌ).