ثم استشكل على القاضي قوله: (إنه لو قدم المستثنى على المستثنى منه كما لو قال: "إلا فلانة أربعتكن طوالق" أنه يقع على الثلاث دون المستثناة)، وما الفرق بين التقدم والتأخر في هذا؟
قيل: ولا إشكال؛ لأنه لَمَّا أخرج قبل الحكم، كان الحكم موجهًا للثلاث دون المستثناة.
قلتُ: وهو عجيب؛ فإن الرافعي إنما استشكل تعليل القاضي بأنه ليس عامًا حتى يخرج منه، بل نص، ومن هذه الحيثية لا فرق بين التقديم والتأخير.
المسألة الثانية:
الجمع المنكَّر -كـ "رجال" و"مسلمين" ونحوهما- ليس بعام، خلافًا للجبائي من المعتزلة كما نقله القاضي في "مختصر التقريب" والإمام الرازي والآمدي وأتباعهم، وربما حُكي عن المعتزلة كما عبَّر به ابن برهان، لكن الذي حكاه عبد الجبار إنما هو عن الجبائي، وحكى مقابِلَه عن أبي هاشم.
نعم، لا اختصاص للمعتزلة بذلك، فقد حكى الشيخ أبو حامد الخلاف وجهين لأصحابنا، وكذا الشيخ أبو إسحاق في "اللمع" وسليم في "التقريب"، ونصر ابن حزم قول التعميم، ونُقل أيضًا عن جمهور الحنفية، واختاره البزدوي وابن الساعاتي.
وعلى كل حال فالأصح أنه "لا يعُم" كما قال الشيخ أبو حامد وسليم: إنه ظاهر المذهب، وعليه عامة أصحابنا. قال: لأن أهل اللغة يسمونه نكرة، ولو كان عامًّا، لم يكن نكرة.
أي: لمغايرة معنى النكرة لمعنى العموم كما سبق في تعريف "العام"، ولأنه يَصْدُق على أقَل الجمع وعلى ما زاد مرتبة بعد أخرى إلى ما لا يتناهى، وهذا الأخير هو مدلول "العام". وإذا كان مدلول النكرة أعم من هذا ومن الصُّوَر السابقة، فالأعم لا يدل على الأخص،