وعمومه في هذه [الصُّوَر] (¬١) إنما هو عموم بدل، لا شمول.
ومن هنا يُعلم فساد قول الجبائي: إنه مشترك بين هذه [الصور] (¬٢)، فيحمل على الجميع؛ بناءً على أن المشترك يُحمَل على جميع معانيه. فإنه يقول بذلك كالشافعي.
لأنَا (¬٣) نمنع كونه مِن قبيل المشترك، بل مِن الكُلي الذي تحته جزئيات يصدق على كل منها حقيقة، كـ "إنسان" على كل فرد فرد، فالمراتب في الجمع كالأفراد في "إنسان".
وأما استدلاله على عمومه بأنه يَقبل الاستثناء وهو دليل العموم فيُرَد بمنع ذلك؛ فإنَّ الأصح عند النحاة أنه لا يجوز الاستثناء من النكرة؛ لِمَا سبق أنه "إخراج ما لولاه لوجب دخوله"، وهذا لا يجب دخوله على تقدير عدم الاستثناء، نحو: "جاء رجال إلا زيدًا"؛ لجواز أن يكون "رجال" مراد المتكلم بها غير زيد، فلا يحتاج لإخراجه؛ لأنه لم يدخل.
وتَعلُّق مَن جوَّز الاستثناء منه بأن "عموم البدل موجود فيه، وذلك كاف في صحة الاستثناء" مردود بأنه لم يُقْطَع بدخوله حتى يخرج.
نعم، اختار ابن مالك أن الاستثناء من النكرة جائز بشرط الفائدة، نحو: "جاءني قوم صالحون إلا زيدًا"، وخَرَّج عليه الاستثناء من العدد نحو: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}.
وعلى تسليم أنه يجوز الاستثناء من الجمع المنكَّر فقد بيَّنا أنَّ المراد يكون "الاستثناء معيار العموم" أنَّ ما لا يُستثنَى منه لا يكون عامًّا، لا أن كل ما يصح الاستثناء منه يكون عامًّا؛ بدليل العدد.
---------------
(¬١) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): الصورة.
(¬٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): الصورة.
(¬٣) هذا بيان سبب فساد قول الجبائي.