ولهذا كان قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] "إلَّا" فيه صفة للنكرة، لا استثناء منه؛ لِتَعذُّر الاستثناء فيه من جهة المعنى ومن جهة اللفظ على القول الراجح.
تنبيهات
الأول: إذا قلنا بأنَّ الجمع المنكر ليس عامًّا، فعَلَى ماذا يحمل؟
فقيل: يُحمل على أقَل الجمع.
وقيل: يُحمل على مجموع الأفراد مِن دلالة الكل على الأجزاء، ويحكَى في المسألة خلاف آخَر لا تَحقُّق له، أضربنا عنه.
نعم، أقَل الجمع ما هو سنذكره في بحث "التخصيص" وأنَّ "جمع القِلة" أقَلُّه ثلاثة إلى عشرة، وأقَل "جَمْع الكثرة" أحد عشر فصاعدًا.
ولهذا قال الهندي في هذه المسألة: (الذي أظنه أنَّ الخلاف في عموم الجمع المنكَّر في غير جمع القِلة، وإلا فالخلاف فيه بعيد جدًّا؛ إذْ هو مخالف لِنَصِّهم أنه للعشرة فما دُونها، فالقول بعمومه بعيد) (¬١).
لكن القاضي في "مختصر التقريب" لما نقل مذهب الجبائي نقله في الجمْعَين معًا، وهو قضية كلام البزدوي.
نعم، فرَّق بعض الحنفية، فقال في "جمع السلامة": يُحمل على المتيقن، وهو أقَل الجمع. وفي "جمع الكثرة": يُحمل على العموم.
---------------
(¬١) نهاية الوصول (٤/ ١٣٣٢).