كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

وهو أقرب من القول بالتعميم في النوعين؛ لِمَا قررنا في نهاية القِلة أنها إلى عشرة، وفي الكثرة إلى ما لا نهاية له.
الثاني:
من فروع هذه المسألة: لو أَقرَّ له بدراهم، قُبِل تفسيره بأقَل الجمع على الأرجح كما هو ظاهر كلام الأصحاب، وقد صرح الهروي في "الإشراف" بحكاية وجهين فيه مَبنيين على القاعدة، وأشار إليه أيضًا الماوردي في "الحاوي".
وغير الإقرار في ذلك مِثله، كَالعتق والنذر والوصية ونحو ذلك.
ففي الرافعي في فروع "الطلاق": (لو حلف لا يشتري العبيد أو لا يتزوج النساء، يحنث بثلاثة) (¬١).
وفي "طبقات العبادي" أن أبا عبد الله البوشنجي نقل عن الشافعي -فيما لو قال: (إنْ في كفي دراهم هي أكثر من ثلاثة فعبدي حر) فكان في كله أربعة- أنه لا يعتِق عبده؛ لأن ما زاد في كفه على ثلاثة درهم واحد، لا دراهم.
وهذا حَمْل لقول المعلِّق: "أكثر" على معنى "زائد"؛ لأنه العُرف، فأما إذا قصد أن المجموع أكثر، فينبغي أن يعتِق. وبالجملة فلم يحمل "دراهم" على العموم.
وقد عُلم مما حكيناه من الخلاف أن رد ابن الحاجب وغيره على الجبائي بأنه لو قال: (له عندي عبيد) صحَّ تفسيره بأقَل الجمع، أي: اتفاقًا، لا يحسُن؛ لجواز أن يقول الجبائي بالوجه الآخر في المسألة.
وأيضًا فقد يقول: إنما حُمل على ذلك؛ لتعذُّر العمل على العموم؛ إذِ المقر له لا يستوعب
---------------
(¬١) العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٣٤٧).

الصفحة 1385