وأما قول أصحابنا بالاكتفاء بالفعل الواحد للفرض والنفل في مسائل (كصلاة داخل المسجد الفرض، فإنه يحصل به التحية، وكالغسل في يوم الجمعة للجنابة وغسلها، وكذا في العيد، وكالفرض عند الإحرام بحج أو عمرة يُغني عن ركعتي الإحرام، وما أشبه ذلك) فليس من عموم الفعل الفرض والنفل، بل لسقوط السُّنة به، لحصول المقصود، كما يسقط فرض الكفاية عن مَن لم يفعل بفعل غيره إذا عَلِمه، أو أنه يحصل له الثواب على النفل، لكن هذا إذا نواهما، فإنْ نوى الفرض فقط ففي حصول السُّنة كلام في ذلك مذكور في الفقه في مواضعه.
ومثل ذلك أيضًا حديث عمران بن حصين في "أبي داود" و"الترمذي" و"النسائي" أنه - صلى الله عليه وسلم -: "صلى بهم، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم" (¬١). قال الترمذي: حسن غريب. والحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وكذا الحديث المشار إليه في النَّظم وهو: "قضى بالشفعة للجار" (¬٢) محمول -إنْ صحَّ-
---------------
(¬١) سنن أبي داود (رقم: ١٠٣٩)، سنن الترمذي (رقم: ٣٩٥)، وغيرهما، وفي سنن النسائي (١٢٣٦) بلفظ: (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمْ، فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ). قال الألباني: ضعيف شاذ. (إرواء الغليل: ٤٠٣).
(¬٢) قال الإِمام البخاري في (التاريخ الكبير، ١/ ١١١): (عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: "قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ في الدَّارِ وَالأَرْضِ"). وفي مصنف ابن أبي شيبة (٢٢٧١٦) بلفظ: (قَضَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ لِلْجِوَارِ)، وفيه أيضًا (٢٢٧١٧) بلفظ: (قَفَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ بِالجوَار). وفي صحيح البخاري (رقم: ٢١٣٨) بلفظ: (قَضَى النبي - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ في كل مَالٍ لم يُقْسَمْ)، صحيح مسلم (رقم: ١٦٠٨) بلفظ: (قَضَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ في كل شِرْكَةٍ لم تُقْسَمْ ربْعَةٍ أو حَائِطٍ، لَا محلُّ له أَنْ يَبِيعَ حتى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ). وفي سنن النسائي (٤٧٠٥) بلفظ: (قَضى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ والجوَار). وقال الألباني: صحيح بما قبله. (صحيح النسائي: ٤٧١٩).