كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الأشخاص إلا أن يدل دليل من خارج، نحو: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬١).
والقول الثاني: التفصيل بين الأحوال فلا عموم له فيها، وبين ما يذكر بصيغة عموم فيعمها؛ نظرًا إلى صِيَغ العموم المتعلقة بالفعل.
واختار هذا ابن الحاجب بعد أن قال: (إن الفعل المثبَت لا عموم له). وجعل هذا مسألة أخرى بعد أن فرغ من مسألة الفعل المثبت.
وقد سبقه إلى هذا شيخه الأبياري حيث أورده سؤالًا في "شرح البرهان" والآمدي بحثًا، فأقامه ابن الحاجب مذهبًا وارتضاه، وتبعه ابن الساعاتي في "البديع".
وقال ابن دقيق العيد في "شرح العنوان": (اختار بعض الفضلاء -وكأنه يريد ابن الحاجب- عموم نحو: "قضى بالشفعة للجار"؛ بناء على عدالة الصحابي ومعرفته باللغة ومواقع اللفظ، مع جواز أن تكون الرواية على وَفْق السماع مِن غير زيادة ولا نقصان).
قال: (ومنهم مَن قال: لا يَعُم؛ لأن الحجة في المحكي، ولا عموم في المحكى).
ثم قال: (وهذا لا بُدَّ فيه من تفصيل: إنْ كان المحكي فِعلًا لو شوهد لم يَجُز حملُه على العموم، فلذلك وجه. وإنْ كان فِعلًا لو حُكي لكان دالًّا على العموم، فعبارة الصحابي عنه يجب أن تكون مطابقة [للمقول] (¬٢)؛ لِمَا تَقدم مِن معرفته وعدالته ووجوب مطابقة الرواية للمعنى المسموع). انتهى
وما قاله قد ذكر القاضي في "التقريب" قريبًا منه، إذ قال: (إن الصحابي العالم باللسان إذا قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - " عبَّر عن إثبات معنى وحُكم ليس له في اللسان ألفاظ محتملة،
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٥٦٦٢) وغيره.
(¬٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): للقول.

الصفحة 1392