فيه إلى الدليل، لكن يدل عليه أن أمره للواحد أمره للجماعة) (¬١).
الثاني:
جعل بعض المتأخرين الخلاف في المسألة لفظيًّا من جهة أن المانع للعموم ينفي عموم الصيغ المذكورة، والمثبِت له إنما هو بدليل من خارج، وهو إجماع السلف على التمسك بها، وهو قريب مما سبق عن الغزالي.
لكن في جعله لفظيًّا نظر؛ فإنه إذا وَرَدَ مثل هذه الصيغ ولم يَقُم دليل، فالقائل بالعموم يُعمم من غير تَوقُّف على مجيء دليل عليه.
اما القسم الثاني:
وهو الفعل الذي قد تلمح إفادته التكرار (نحو: "كان يفعل كذا") ففي عمومه وجهان حكاهما الشيخ أبو إسحاق، أصحهما: لا عموم فيه؛ لأنه فِعل مُثْبَت. وحكى الوجهين أيضًا ابن برهان.
وذلك كحديث أنس في "البخاري": "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الصلاتين في السفر" (¬٢). فمقتضاه وقوع الجمع لكن -على المرجَّح- مَرة، إما تقديمًا وإما تأخيرًا، لا أنه كان يجمع بينهما في السفر دائمًا.
وذهب ابن برهان إلى قولٍ بالتفصيل:
- بين ما شأنه أن يشيع، فَيعُم، نحو قول عائشة: "كانت الأيدي لا تُقطع في زمن النبي
---------------
(¬١) المستصفى (ص ١٠٥).
(¬٢) صحيح البخاري (رقم: ١٠٥٩)