كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

- صلى الله عليه وسلم - في الشيء التافه" (¬١)
- وبين ما شأنه الكتمان، كَـ "الوطء" ونحوه، فلا يَعُم، يقول زيد بن ثابت: "كانت عمومتي يفعلونه ولا يغتسلون" (¬٢).
قيل: ومنشأ الخلاف أنَّ "كان" هل تقتضي التكرار؟ أو لا؟
فقيل: تقتضيه لُغةً. وبه جزم القاضي أبو بكر، فقال: إن قول الراوي: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل كذا" يفيد في عُرف اللغة تكثير الفعل وتكريره، قال تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: ٥٥] أي: يداوم على ذلك.
وكذا قال القاضي أبو الطيب، وجرى عليه ابن الحاجب، إلا أنه قال ما معناه: إنه لا يَلزم مِن التكرار العموم. وهو ظاهر.
وقيل: تقتضي التكرار عُرفًا لا لغةً. ونقله صاحب "المعتمد" عن عبد الجبار، وقال الهندي: إنه الأظهر.
ويمكن حمل كلام ابن الحاجب أيضًا على هذا.
والثالث: لا يفيده لا لغةً ولا عرفًا. واختاره في "المحصول".
وقال النووي في "شرح مسلم": (إنه المختار الذي عليه أكثر المحققين من الأصوليين، فهي تفيد مرة. فإنْ دل دليل على التكرار من خارج، عُمل به، وإلا فلا) (¬٣).
---------------
(¬١) مصنف ابن أبي شيبة (٢٨١١٤) بلفظ: "لَمْ يَكُنْ يُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في الشَّيْءِ التَّافِه". قال الإِمام الدارقطني في كتابه "العلل"، ١٤/ ٢٠٢): (حديث عائشة صحيح، ويشبه أن يكون هشام وصله مرة وأرسله مرة).
(¬٢) مسند أحمد (٢١١٣٤) بنحوه.
(¬٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ٢١).

الصفحة 1397