كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الأكثر في كلام العرب فيما إذا نُفِي المقيد بقيد أنه نَفْي للقيد فقط وإثبات للمقيد، وأنَّ نفيهما معًا خلافُ قول الأكثر في كلامهم (¬١).
فوضح بذلك قول الإِمام والسمعاني.
ومنه حديث: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (¬٢). كذا رواه بهذا اللفظ أبو القاسم التيمي الحافظ في "مسنده" عن ابن عباس مرفوعًا، والبيهقي في "خلافياته" عن ابن عمر مرفوعًا، ورواه ابن ماجه والضياء المقدسي، كلاهما عن ابن مصفى بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي" (¬٣).
نعم، أنكره أحمد، وقال محمَّد بن نصر المروزي: ليس له إسناد محتج به.
وقال البيهقي عن الحاكم: إنه تفرد به الوليد بن مسلم عن مالك، وهو صحيح غريب.
وعلى كل حال فيقدر فيه كما تَقدم: "رُفع حُكم"، وهو أحسن من تقدير: "إثم" أو نحوه إنْ قُلنا: الأعم أرجح.
ومن هذا الباب: "لا هجرة بعد الفتح" (¬٤). أي: لا وجوب هجرة؛ لأن الهجرة جائزة،
---------------
(¬١) تفسير البحر المحيط (١/ ١٨٤).
(¬٢) سُنن ابن ماجه (٢٠٤٥) وغيْره بلفظ: (وضع عن أمتي .. )، صحيح ابن حبان (٧٢١٩) وغيْره بلفظ: (تجاوز عن أمتي ... ). وقال الشيخ الألباني في (إرواء الغليل، رقم: ٢٦٥): "صحيح بمعناه). وذكر بعض طُرُقه وألفاظه في (إرواء الغليل، رقم: ٨٢) وقال: (المشهور في كُتُب الفقه والأصول بلفظ: "رفع عن أمتي ... "، ولكنه منكر). وانظر المقاصد الحسنة للإمام السخاوي (ص ٣٦٩).
(¬٣) سبق تخريجه.
(¬٤) صحيح البخاري (رقم: ٢٦٣١)، صحيح مسلم (رقم: ١٨٦٢).

الصفحة 1406