وعندنا يصح؛ لأن عندهم المقتضَى لا يمكن أن يكون عامًّا، وعندنا يمكن.
وتقريره أنَّ "أنت طالق" يحتمل أن يُقَدر بعده: "واحدة" و"اثنتين" و"ثلاثًا". فإذا نوى الثلاث أو اثنتين، أضمر بعض المحتمل الذي هو أَعَم من قوله "واحدة"، فقُبل.
ووافقوا على أنه لو قال: "أنت طالق طلاقًا" ونوى الثلاث، وقعت؛ لأنه صرح بما كان يُقَدر في دلالة الاقتضاء، فجاز أن يخصصه ويعممه.
ونحوه: "حلف لا يشرب" ونوى مياه العالم، وقد سبق أن مسألة: "لا آكُل" و"إنْ أكلت " جعلها بعض الحنفية من فروع هذه المسألة.
الثالث:
اختلف في دلالة الاقتضاء: هل هي مغايرة [للإضمار] (¬١)؟
ومَن قال بالتغاير فَرَّقوا بفروق فيها نظر. ولا جدوى لذلك ولا طائل تحته، فلا نُطَول به، فإن المتكلمين في عموم المقتضَى أمثلتهم وتقريراتهم شاهدة بأن لا فرق بينهما هنا.
الرابع:
ليس بين قولنا هنا: (إن الراجح أن المقتضى ليس بعام) وبين ما سبق من كون {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَة} [المائدة: ٣] و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] ونحو ذلك من العام عُرفًا- تنافٍ؛ لأن المراد هناك أنه إذا قُدِّر شيء عام في جزئيات، يكون المفيد لعمومها العرُف. والذي هنا إنما هو هل يُقَدَّر كل المحتملات؟ أوْ لا؟ والله أعلم.
---------------
(¬١) في (ص): للاجمال. وفي (ق): للاحتمال.