كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

به، ويكون التقدير: "لا يقتل مسلم بكافر حربي"؟ أي: بل يقتل بالذمي؟ أو هو باق على عمومه ولا يقدح عطف الخاص عليه؟
الأول قول الحنفية، والثاني قول الشَّافعية.
ولكن هذا يشمل ما لو صرح في الثانية "بحربي" من باب أَولى، ولا يضر ذلك في التصوير، إلَّا أنَّه يخرج عن ملاحظة المقدر هل يقدر عامًّا؟ أو خاصًّا؟
ومما يُضعف قولهم أنَّ كون الحربي مهدرًا مِن المعلوم من الدين بالضرورة، فلا يَتوهم أحد قَتْل مُسلِم به، فحمل الكافر في "لا يُقتل مسلم بكافر" عليه ضعيفٌ؛ لعدم فائدته.
على أن ترجمة المسألة بِـ "المعطوف" على كل حال فيه نظر؛ لأن المعطوف في الحديث في الحقيقة هو "ذو عهد" على النائب عن الفاعل في "يُقتل" وهو "مُسلم"، إلَّا أنْ يُقدر بعده مجرور بِباء؛ ليقابل"بكافر" في الجملة الأُولى، فيكون من عطف معمولين على معمولي عامل، وهو جائز قطعًا.
لكن فيه على كل حال إبهام؛ لأنَّا لا نَعلم ما المراد بالمعطوف: المرفوع؟ أو المجرور؟
نعم، ابن السمعاني وجمع من أصحابنا قد وافقوا الحنفية على أن مُدَّعاهم في هذه المسألة أرجح، وكذا ابن الحاجب مُصرَّح بموافقتهم، قائمٌ بالاستدلال لهم، مجيبٌ عن أدلتنا وإنْ لم يكن من مذهبه قتل المسلم بالكافر، إلَّا أنَّه يقول: (التخصيص طَرَق العام الأول بدليل من خارج، والعام الثاني كذلك) (¬١).
---------------
(¬١) انظر: مختصر المنتهى مع شرحه (٢/ ١٩٦).

الصفحة 1412