تنبيهات
الأول: كل ما سبق مِن اختلاف الفريقين إنما هو حيث كان الأمر لا يستقيم إلَّا بإضمار في الجملة الثانية.
فهل يضمر قَدْر الضرورة؟ أو ما دل عليه العام في الجملة قبلها؟
ولهذا عقبتُ في النَّظم هذه المسألة بمسألة المقتضَى؛ لاشتراكهما في الإضمار، لكن قَدْر الحاجة؟ أو العام؟ فيه الخلاف.
نعم، ذهب قوم من أصحابنا إلى أن الجملة الثانية كلام تام لا يحتاج إلى تقدير خاص ولا عام، وأن المعنى: النهي عن قتل المعاهد ما دام في عهده. فالقيد في منع قتله كَوْنه "في عهده"، والفائدة حاصلة بذلك.
واعتُرض:
- بأنه يلزم امتناع قتل المعاهد مطلقًا ولو قَتل مسلمًا أو معاهدًا.
- وبأنه لا يصير له مناسبة للجملة قبله؛ لأن تلك في بيان "المكافأة في القصاص"، وهذه في "مطلق قتل المعاهد"، وأي ارتباط بينهما؟ " وكلام البليغ يُصان عن ذلك.
- وبأن الإقدام على قتل ذي العهد حرام، والصحابة يعرفون ذلك، وقد قال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ٤]، فلم يَبْقَ في ذلك فائدة جديدة؛ ولذلك لَمَّا كان إقدام المسلم على قتل الكافر غير الحربي محرَّمًا، لم يذكر في الجملة الأولى إلَّا كونه إذا قتله هل يقتل به؟ أو لا؟
والجواب:
عن الأول: أنَّه عام خُص، كما أنهم قدَّروا "ولا ذو عهد في عهده بكافر"، وهو كان عامًّا