كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

خُص. بل في تقديرهم ذلك مجازان: حذف وتخصيص، وفي هذا التقدير تخصيص فقط.
وعن الثاني: كما قال أَبو إسحاق المروزي في "التعليقة": إن عداوة الصحابة للكفار في صدر الإسلام كانت شديدة جدًّا، فلما قال عليه الصلاة والسلام: "لا يقتل مسلم بكافر" خشي أن يتجرد هذا الكلام، فتحملهم العداوة الشديدة بينهم على قتل كل كافر مِن معاهد وغيره، فعقبه بقوله ما معناه: (ولا يُقتل ذو عهد في زمن عهده).
وعن الثالث: بأن هذا الحكم عام في الصحابة وغيرهم، وربما اشتدت عداوة غير الصحابة للكفار؛ فقتلوا المعاهد وغيره؛ غفلة عن عصمة المعاهد، بل وفي الصحابة قد يكونون إنما علموا ذلك بهذا اللفظ. فلو سكت الشارع عنه؛ لَبادروا لقتلهم.
وأما أن في القرآن ما يدل على تحريم قتل المعاهد فليس هذا بأول شيء توارد عليه دلالة الكتاب والسُّنة.
الثاني:
ذكر القدوري من الحنفية في كتابه "التجريد" (¬١) في الحديث تقديرين آخَرين غير تقديرهم المشهور:
أحدهما: أنَّه لا حذف فيه، بل على التقديم والتأخير. والأصل: "لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر".
وثانيهما: أن"ذو عهد" مبتدأ، و"في عهده" خبره، و"الواو" للحال. أي: لا يقتل المسلم بكافر، والحال أنَّه ليس ذو عهد في عهده.
---------------
(¬١) التجريد (١١/ ٥٤٥٦).

الصفحة 1414