كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

تنبيهات
أحدها: ليست هذه المسألة مقصورة على ما سِيق للمدح أو الذم فقط، بل ذلك خارج مخَرَج المثال.
وإنَّما الضابط أن كل عام سِيق لغرض هل يبقى على عمومه؟ أو يكون ذلك الغرض صارفًا له عن العموم؟
فيقال على هذا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء أو كان عثريًّا العُشر، وما سُقي بالنضح نصف العُشر" (¬١) مَسوق لبيان مقدار الواجب، فلا يكون عامًّا في الخضراوات نحو القثاء والرمان.
ومَن يقول بالعموم، يقول: إنه خُص بنحو ما رواه الحاكم: "فأما القثاء والرمان والقصب فعفو عفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (¬٢). أو: إن هذا الحديث عام قدِّم على حديث: "فيما سقت السماء"؛ لكونه مسوقًا لبيان المقدار.
الثاني: قال الشيخ عز الدين: ليس من هذا الباب: العام المرتب على شرط تَقدم ذِكره، بل ذلك خاص اتفاقًا، كقوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: ٢٥]، فالشرط المتقدم هو صلاح المخاطَبين الحاضرين، وصلاحهم لا يكون سببًا للمغفرة لمن تَقدم مِن الأمم قبلهم أو يأتي بعدهم؛ فإن قواعد الشرع تَأبى ذلك،
---------------
(¬١) سبق تخريجه.
(¬٢) المستدرك على الصحيحين (رقم: ١٤٥٨)، سنن البيهقي الكبرى (رقم: ٧٢٦٨) بلفظ: (وأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (التلخيص الحبير، ٢/ ١٦٥): (فيه ضعف وانقطاع).

الصفحة 1419