فإنَّ صلاح كل [أحد] (¬١) لا يتعداه لغفران غيره إلَّا أن يكون فيه سبب، وهنا لا سبب؛ فلا يتعدى، فيتعين أن يكون المراد: "فإنه كان للأوابين منكم غفورًا"، فإن الشرط لا يكون جزاؤه لغيره.
قلت: وتحتمل الآية أيضًا أن "الألف واللام" في "الأوابين" للعهد، كما في قوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: ١٧٠]، في خبر: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف: ١٧٠] الآية.
وقد قيل هنا: إن الرابط العموم اكتُفي به لدخول المبتدأ تحته. فيقال هنا مثله.
وربما يُقَرَّر في آية "الأوابين" بأن الجواب فيه مُقدَّر، أي: إن تكونوا صالحين فأنتم أوابون، والله تعالى للأوابين غفور. أو أن الخطابَ في قوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ} [الإسراء: ٢٥] عامّ للخلق كلهم، أي: يا أيها العباد إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا. ويكون صلاح كلٍّ سبئا لمغفرته، من باب"ركب القوم دوابهم"، لا أن المجموع سببٌ للغفران للمجموع.
الثالث:
قيل: إنَّ هذه المسألة هي مسألة "غير المقصودة" هل تدخل في العموم؟ وقد سبقت، فلا حاجة لإعادتها.
يدل على ذلك أن القاضي عبد الوهاب لما حكى الخلاف في تلك، مَثَّل بآية الزكاة: هل يدخل فيها الحُلي المباح ونحوه مما لم يُقصَد؛ ووافقه الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام". ومِن ثَمَّ نقل الأصفهاني في "شرح المحصول" الخلاف الذي نقله القاضي
---------------
(¬١) كذا في (ق، ص)، لكن في (س): واحد.