كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

تنبيهات
الأول: قال ابن دقيق العيد: مَن خصَّه بالمخاطَبين فينبغي أن يعتبر فيه أحوالهم؛ حتَّى لا يدخل في خطابهم مَن ليس بِصِفتهم إلَّا بدليل مِن خارج، وهذا غير الاختصاص بأعيانهم، وهو أعلى مرتبة منه؛ لأن اعتبار الأعيان في الأحكام عليه أدلة كثيرة. ويحتمل أن لا يعتبر أحوالهم وصفاتهم إلَّا لاعتبار مناسبة أو غيرها، والأليق بالتخصيص الأول.
وقال في "شرح العنوان": الخلاف في عموم خطاب المشافَهة قليل الفائدة، ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق؛ لأن اللغة تقضى بأنْ لا يتناول غير المخاطَب، والقَطْع بأن الحكم شامل لغير المخاطَب؛ لِمَا عُلم من عموم الشريعة.
الثاني: عَبَّر جمعٌ عن المسألة بأن الخطاب مع الموجودين في زمنه - عليه السلام - لا يتناول مَن بَعدهم إلَّا بدليل منفصل.
وعَبَرَّ جمعٌ بأخص، وهو نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}، {يَاأَيُّهَا آمَنُوا}.
وقال بعض المتأخرين: للألفاظ حالتان: أن يكون محكومًا بها، أو محكومًا عليها.
ففي الأول: يجب أن يكون مدلولها موجودًا حالة الحكم، نحو: "يا زيد"، ونحوه.
وفي الثاني: يشمل مَن وُجِد ومن سيوجَد، نحو: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]. وذلك كما لو قلت لولدك: "اصحب العلماء"، فلا فرق بين الموجود عالِمًا حال الخطاب ومَن سيصير عالِمًا بعد ذلك.
الثالث: اعترض النقشواني في "تلخيص المحصول" على هذه المسألة بقول الأصوليين: إن المعدومَ محكومٌ عليه بالخطاب القديم مِن غير فرق بين خطاب المشافَهة وغيره.
وأجيب بأن ذلك غفلةٌ منه؛ لأن ذاك في الكلام النفسي، والكلام هنا في الخطاب

الصفحة 1423