كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الأولى:
خطاب الله تعالى نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بنداءٍ ونحوه هل يتناول الأُمة؟ أو لا؟
وذلك مِثل قوله تعالى: ، {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: ١ - ٢]، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [التحريم: ١]: ا، ونحو ذلك مما يمكن أن يراد بما تضمنه مِن الحكم الأُمة معه، ويمكن أن يراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا به، ولا قرينة على إرادتهم معه.
فقال الجمهور: ليس بعام للأُمة إلَّا بدليل يوجب التشريك، إما مطلقًا أو في ذلك الحكم بخصوصه مِن قياس أو غيره. وحينئذ فشمول الحكم لهم بذلك لا باللفظ؛ لأن اللغة تقتضى أن خطاب المفرد لا يتناول غيره.
وقال أَبو حنيفة وأحمد: يشمل الأُمة، ولا ينصرف الحكم عنهم إلَّا بدليل من خارج. واختاره جمعٌ من أصحابنا كابن السمعاني، وكذا إمام الحرمين على ما يؤول إليه تفصيل له نذكره.
أما ما لا يمكن إرادة الأمة معه فيه مِثل: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ١ - ٢] {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] ونحو ذلك فلا دخول للأُمة فيه قطعًا.
ومن ذلك ما قامت فيه قرينة على اختصاصه به من الخارج، نحو: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦]. فتفصيل إمام الحرمين بين أن تَرِد الصيغة في محل التخصيص فيكون خاصًّا به، أوْ لا فيكون عامًّا - ليس قولًا آخَر، بل تبيين لمحل الخلاف.
وأما ما لا يمكن فيه إرادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك الحكم المقترن بخطابه بل يكون الخطاب له والمراد الأُمة فليس ذلك مِن محل النزاع أيضًا، وذلك مِثل قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥]، فخطابه بذلك من مجاز التركيب، وهو ما أُسنِد فيه الحكم

الصفحة 1425