النكاح بلفظ الهبة بقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٠]، إذِ الأُمَّة مِثله في هذا الحكم؛ لشمول اللفظ لهم عُرفًا.
وعندنا لم يدخل غيره، فيكون مِن خصائصه على المرجَّح.
وفي وَجْه أنه لا ينعقد نكاحه بلفظ الهبة؛ قياسًا على الأُمة. عَكْس مقالة الحنفية مطلقًا.
المسألة الثانية:
جمع الذكر السالم - كَـ "المسلمين" - هل يدخل فيه الإناث؛ وكذا ضمير المذكرين نحو: "فعلوا" و"افعلوا" و"تفعلون" و"فعلتم" ونحو ذلك.
بل ولا يختص بالضمائر، بل اللواحق، نحو: "ذلكم" و"إياكم" إذا قلنا بأنها حروف لحقت الضمائر المنفصلة، وهو المرجَّح، فكل ذلك لا يدخل فيه النساء إلَّا بطريق التغليب مجازًا. هذا ما ذهب إليه الشَّافعي وأصحابه والجمهور، كما لا يدخل "الرجال" في لفظ المؤنث إلَّا بدليل.
وممن نقله عن الشَّافعي القفالُ الشاشي وابن القطان والشيخ أَبو حامد والماوردي في "كتاب القضاء"، والروياني: في "كتاب السير"، وابن القشيري.
قيل: وأخذوا ذلك من حديث عائشة: "يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة" (¬١). أخرجه ابن ماجة بإسناد جيد.
فلو كن يدخلن في جمع المذكر وهو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥]، ونحو قوله: {وَجَاهَدُواْ} [البقرة: ٢١٨] لَعرفت عائشة ذلك ولم تَسأل.
---------------
(¬١) مسند أحمد (٢٥٣٦١)، سنن ابن ماجة (٢٩٠١) وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح ابن ماجة: ٢٣٦٢).