الثاني: يُستثنى من محل الخلاف في ضمير الجمع المذكر ما لو عاد على النوعين، نحو: "يا أيها الرجال والنساء"، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥]. فلا خلاف في دخولهن. قاله القاضي عبد الوهاب، ولكن هذا بقرينة، والكلام حيث لا قرينة.
ونحوه في القرينة (وإنْ تأخرت) حديث: "سبق المفردون"، ثم فسرهم - صلى الله عليه وسلم - بقوله بعده: "هم الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" (¬١). فلا شاهد فيه لمن قال بالدخول.
ومنهم مَن قال: محل الخلاف في غير الخطاب الشفاهي، أما إذا شافَه رجالًا ونساءً بـ "افعلوا"، فإنهن يدخلن قطعًا. ولكن هذا بالقرينة، والكلام حيث لا قرينة.
ولم يختلف المفسرون في قوله تعالى: {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: ٣٨]، أنَّه متناول لآدم وحواء ولإبليس.
وربما كانت القرينة مخُرجة، كما في قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، فإن المشركات لا يَدخُلن؛ لقرينة نهيه عليه السلام عن قتل النساء.
ولأجل قرينة الإدخال استُدل بقوله عليه السلام: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" (¬٢) على أن المرأة تُقيم الحد على مملوكها بحق المِلك الذي يشترك فيه الذكر والأنثى، فالقرينة: تعليق الحكم بوصف الِملك.
الثالث: سكتوا عن الخناثى، هل يدخلون في خطاب المذكر؟ أو المؤنث؟
والظاهر مَن تَصرّف الفقهاء دخولهم في خطاب النساء في التغليظ والرجال في التخفيف، وربما أُخْرج عن القسمين. وقد أُفرد أحكام الخناثى بالتصنيف.
---------------
(¬١) صحيح مسلم (٢٦٧٦).
(¬٢) مسند أحمد (٧٣٦)، سنن أبي داود (٤٤٧٣) وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (صحيح أبي داود: ٤٤٧٣).