كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

الرابع: مما يُخرَّج على هذه القاعدة مسألة "الواعظ" المشهورة في الفقه وهو قوله للحاضرين عنده: "طلقتكم ثلاثًا" وامرأته فيهم وهو لا يدري.
أفتى الإمام بوقوع الطلاق. قال الغزالي: وفي القلب منه شيء. وقال الرافعي والنووي: ينبغي أن لا يقع. قال النووي رحمه الله: لأن النساء لا يدخلن في هذا اللفظ كما تَقرر في الأصول.
وذكر الرافعي مَأْخذًا غير ذلك، وذكر غيرهما أنَّه ينبغي أن يخرَّج على "حنث الجاهل" كما لو حلف لا يسلم على زيد، فسلَّم على قوم هو فيهم ولم يَعلمه.
وفي المسألة مباحث مذكورة في كتب الفقه لا نُطَول بها.
المسألة الثالثة:
خطاب الشارع بنحو: "يا أهل الكتاب" لا يدخل فيه أُمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، سواء أكان ذلك من خطاب الله عَزَّ وَجَلَّ أو خطاب نبيه - صلى الله عليه وسلم - لهم بأمر الله تعالى.
ومثله خطاب بني إسرائيل، كقوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١] {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} [النساء: ٤٧] {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: ٦٤]، {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا} [المائدة: ٥٩]، {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٤٠]، ونحو ذلك من الآيات، وهو كثير.
إلَّا أنْ يدل دليل على مشاركتهم لهم فيما خوطِبوا به؛ وذلك لأن اللفظ قاصر عليهم، فلا يتعداهم.
والمراد بـ "أهل الكتاب"اليهود والنصارى، لا عبدة الأوثان ولا المجوس؛ إما لأن كتابهم رُفع، أو لغير ذلك مما قرره أصحابنا في النكاح وغيره.
وخالف في ذلك أَبو البركات مجد الدين ابن تيمية في "مسودته" في الأصول، وقال: (إنه

الصفحة 1432