المسألة الرابعة:
خطاب الشرع لواحد هل يدخل فيه غير ذلك المخاطَب؟ أو لا؟
وهي أَعَم من المسألة السابقة، وهي مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ يختص به، هل تدخل الأُمة؟
ولكن ربما تفاوتا بمدارك خاصة بأحدهما دون الآخر. يظهر ذلك للمتأمل.
وإنْ كان الشيخ أَبو حامد فَرَضَ مسألة خطاب الواحد بأَعَم مِن خطاب الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ومن خطاب النبي لواحد مِن أُمته، ومثَّله بـ {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: ٦٧]، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥].
وحاصل هذه المسألة: أن الخطاب الخاص بواحد من الأُمة إنِ اقترن بما يخص ذلك الواحد، فلا يكون غيرُه مِثله في ذلك الحكم، كحديث أبي بردة في العناق في "الصحيحين": "تجزئك، ولن تجزئ عن أحد بعدك" (¬١).
نعم، رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في العناق أيضًا لزيد بن خالد الجهني كما في أبي داود (¬٢)، ولعقبة بن عامر كما في "الصحيحين" (¬٣)، وربما قال: "ولن تجزئ عن أحد بعدك". وهو محمول على تخصيص لعموم بعد تخصيص.
وإنْ لم يقترن بما يدل على اختصاص المخاطَب به فالأصح مِن المذاهب أنَّه لا يتناول
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٩١٢)، صحيح مسلم (١٩٦١).
(¬٢) في سنن أبي داود (٢٧٩٨): (عَنْ زيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَأَعْطَانِي عَتُودًا جَذَعًا. قَالَ: فَرَجَعْتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ جَذَع. قَالَ: "ضَحِّ بِهِ". فَضَحَّيْتُ بِهِ).
قال الألباني: حسن صحيح. (صحيح أبي داود: ٢٧٩٨).
(¬٣) صحيح البخاري (٢١٧٨)، صحيح مسلم (١٩٦٥)، ولفظ البخاري: (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "ضَحِّ بِهِ أَنْتَ").