كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 3)

وأيضًا فيحتمل أن تتأخر يده - صلى الله عليه وسلم - عنها أو يدها حتى يُستدل به على الأول للطهارة بفضل مائِها أو لا؛ ولذلك جاء في حديث عائشة أنها قالت: "أَبْقِ لي، أَبْقِ لي". ولم يَرِد أنه قال لها: أَبْقِي لي، أَبْقي لي.
ومنها: ما روي "أن زنجيًّا وقع في بئر زمزم؛ فمات، فأمر ابن عباس بأن تُنزح" (¬١).
فاستدل به الحنفية على تنجيس الماء الذي بلغ قُلتين وإنْ لم يتغير، بل بمجرد الملاقاة.
وأجاب الشافعي بأنه قد يكون الدم ظهر وغَيَّر، ويحتمل أن نزحها كان [تنظيفًا] (¬٢)، لا لأجل التنجيس، وأن يكون احتياطًا؛ لاحتمال التغير؛ فلا يتعيَّن كونه للتنجيس بمجرد الملاقاة.
إلى غير ذلك، وقد ذكر الحافظ العلائي في قواعده طائفة مِن الأمثلة.
الثالث:
قولي: (إذَا تَطَرُّقٌ) أي: إذا حصل أو وُجد؛ لأن "إذَا" تختص بالجُمَل الفعلية.
وقولي: (سَقَطَ الْأَخْذُ بِالِاسْتِدْلَالِ) أي: سقط الأخذ للحُكم منها بسبب الاستدلال؛ فإنه لا دليل فيها؛ لإجمالها. والله أعلم.
* * *

(تَمَّ بِعَوْن الله تعالى الجزءُ الثالث، وَيلِيه الجزء الرابع، وأوله: التخصيص)
---------------
(¬١) سنن الدارقطني (١/ ٣٣) بلفظ: (أَنَّ غُلامًا وَقَعَ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ؛ فَنُزِحَتْ). وفي تاريخ ابن أبي خيثمة (١/ ٢٨٩، رقم: ٩٨١) بلفظ: (إِنَّ إِنْسَانًا وَقَعَ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ، فَمَاتَ، فَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْعُيُونِ فَسُدَّتْ وَأَنْ يُنْزَحَ الْمَاءُ).
(¬٢) في (ص، ق): تطييبًا.

الصفحة 1459