تنبيهات
الأول: محل هذا الخلاف -كما ذكرنا- في العام المخصوص، أما المراد به خاص فلا يصح الاحتجاج بظاهره كما قاله الشيخ أبو حامد في "كتاب البيع" من "تعليقته"، وفيه ما يدل على أنَّ ابن أبي هريرة قاله أيضًا.
قلتُ: وهو مُشْكل؛ لأن المراد إنْ كان الاحتجاج به في الخاص الذي أُريدَ به فلا يُتصور فيه خلاف، أو فيما عدَاه فليس مرادا قطعًا، فكيف يُستدَل بالعام عليه؟ !
الثاني: قد ذكرنا أن الخلاف في هذه المسألة مُفرَّع على التي قبلها.
نعم، مَن جوَّز التعلق به مع كونه مجازًا -كالقاضي- يبقى الخلاف على قوله لفظيًّا كما قاله أبو حامد وغيره؛ لأنه هل يُحتج به ويُسمَّى مجازًا؟ أو لا يُسمى مجازًا؟
وقال صاحب "الميزان" (¬١) -من الحنفية- أنَّ المسألة مُفرَّعة على أن دلالة العام على أفراده قطعية؟ أو ظنية؟ فمَن قال: قطعية، جعل الذي خُص كالذي لم يُخص.
قيل: وفيه نظر.
وقيل: مُفرَّعة على أن اللفظ العام هل يتناول الجنس؟ أوْ لا وتندرج الآحاد تحته؛ ضرورةَ اشتماله عليها؟ أو يتناول الآحاد واحدًا واحدًا حتى يستغرق الجنس؟
فالمعتزلة قالوا بالأول، فعند الإطلاق يظهر عمومه، فإذا خُص، تبيَّن أنه لم يُرد العموم. وعند إرادة عدم العموم ليس بعض أَوْلى مِن بعض، فيكون مجمَلًا.
الثالث: قولي: (وَلَوْ مُنْفَصِلًا مِنْهُ عُنِي أَوْ لَمْ يَكُنْ عُمُومُهُ قَدْ أَنْبَأَ عَنْهُ) تَعريضٌ ببعض ما
---------------
(¬١) ميزان الأصول في نتائج العقول (ص ٢٩٠ - ٢٩٢).