كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

سبق في المسألة الأخيرة مِن الأقوال، وقد أوضحناها.
وقولي: (وَأَمَّا إنْ يَكُنْ قَدْ بُدِئَ) إلى آخِره فهو إشارة إلى ما فُرِّق به بين العام المخصوص والمراد به الخصوص.
وقولي: (أُطْلِقَ لِلَّذِي هُوَ الْجُزْئِيُّ) أي: مقصورًا عليه، وإلا فقد سبق أن مِثْل ذلك حقيقة. وهذا أصوب مِن التعبير بأنه كُلٌّ أُطلق على البعض؛ لأنَّ العموم في أفراده مِن قبيل الكلي مع جزئياته كما سبق تقريره غير مَرَّة، والله أعلم.
ص:
٦٢٢ - وَبِالْعُمُومِ قَبْلَ أَنْ يُبْحَثَ عَنْ ... تَخْصِيصِهِ تَمَسُّكٌ لِمَنْ فَطَنْ
٦٢٣ - أَيْ في حَيَاةِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدِ ... صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ مِنْ مُمَجَّدِ
٦٢٤ - كَذَاكَ بَعْدَهُ، وَحَيْثُ شُرِطَا ... فَالظَّنُّ كافٍ فِيهِ فِيمَا ضُبِطَا
الشرح:
من مباحث التخصيص أيضًا أن العام هل يجوز التمسك به قبل البحث عن مخصِّص له؟ أو لا يجوز؛ لأنَّ العمومات التي لم يَطْرقها تخصيص نادرة فلا بُدَّ مِن البحث عن المخصِّص قَبْلَ العمل؟ فيه خلاف.
قال الأستاذ أبو إسحاق: محلُّه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما في حياته فلا خلاف في وجوب المبادرة إلى الأخذ به وإجرائه على عمومه؛ لأن أصول الشريعة لم تكن متقررة؛ لجواز أن يحدث بعد ورود العام مخصِّصٌ وبَعد النص نسخٌ، فلا يفيد البحث عن ذلك شيئًا.
وحاصل الخلاف فيما بعده - صلى الله عليه وسلم - مذهبان:
أحدهما وبه قال الصيرفي ومَالَ إليه إمام الحرمين وغيره: وجوب العمل قبل البحث،

الصفحة 1507