كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

حتى قال الإمام: إن قول التوقف على البحث غير معدود مِن مباحث العُقلاء و [مُضْطرب العلماء] (¬١)، وإنما هو قول صدر عن غباوة واستمرار في عناد.
ولأجل رجحان الأول عند المحققين واختاره حذاق المتأخرين جريتُ عليه في النَّظم بقولي: (كَذَاكَ بَعْدَهُ)؛ لأنَّ الأصل عدم المخصِّص.
وأيضًا فاحتماله مرجوح، وظاهر العموم راجح، والعمل بالراجح واجب، كما أن احتمال النسخ لا يؤثر في المبادرة بالعمل بالنص؛ ولذلك هَمَّ عثمان - رضي الله عنه - برجم التي ولدت لستة أشهر، وهَمَّ عمر - رضي الله عنه - برجم مجنونة؛ عملًا بظاهر العموم حتى أتاهما عَلِي - رضي الله عنه - بنص خاص يُخصِّص العموم.
الثاني: المنع. وبه قال ابن سريج، وحكاه الشيخان أبو حامد وأبو إسحاق الشيرازي وغيرهما عن عامة أصحابنا سوى الصيرفي، ونقله أبو حامد عن الإصْطَخْري وابن خيران والقفال الكبير.
ثم اختلف القائلون به في أنه هل يكفي في البحث الانتهاء إلى ظن عدم المخصص؟ أو لا بُدَّ من اعتقاد جازم يسكن إليه القلب؟ أو لا بُدَّ من القطع؟ ثلاثة أقوال، أصحها الأول؛ جريًا على الاكتفاء بالظن في مِثله، وبالثالث قال القاضي، قال: (ويحصل ذلك بتكرير النظر والبحث).
---------------
(¬١) (في (ص، ق): مضطرف.

الصفحة 1508