كتاب الفوائد السنية في شرح الألفية (اسم الجزء: 4)

تنبيهات
الأول: حكاية الخلاف هكذا هو إيراد الإمام الرازي وأتباعه، وسبقهم إلى ذلك الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني والشيخ أبو إسحاق الشيرازي وغيرهما.
لكن اقتصر القاضي أبو الطيب وإمام الحرمين وابن السمعاني في النقل عن الصيرفي على وجوب اعتقاد العموم في الحال قبل البحث.
وصرح غيرهم عنه بأنه قال: يجب الاعتقاد والعمل. ولك أن تقول: إنْ دخل وقت العمل، لزم مِن وجوبِ الاعتقاد وجوبُ العمل؛ فلذلك اكتفَى مَن اقتصر على وجوب الاعتقاد بذلك.
وأما الغزالي ثم الآمدي وابن الحاجب فحكوا الخلاف على وجه آخر، وهو أنه يمتنع العمل قبل البحث قطعًا، وإنما الخلاف في كونه يكفي الظن (وهو قول الأكثر) أو لا بُدَّ من القطع (وهو قول القاضي)، قال: (ويحصل ذلك بتكرير النظر والبحث من اشتهار كلام الأئمة).
قالوا: وليس خلاف الصيرفي إلا في اعتقاد عمومه قبل دخول وقت العمل به، وإذا ظهر مخصِّص، تَعَيَّن الاعتقاد.
ومنهم مَن جمع بين الطريقين بأنهما مسألتان: وجوب العمل (وهو محل القطع)، واعتقاد العموم (وهو محل الخلاف).
وفيه نظر؛ فإن ذلك إنْ كان قبل دخول وقت العمل فقد جعلوا محل خلاف الصيرفي فيه، وإن كان بعد دخول وقت العمل فقد سبق أنه لا معنى لاعتقاده إلا وجوب العمل به.

الصفحة 1509